يتنقل ماجد بين صفحات المواقع والصحف السورية على الانترنت غير انه لا يجد فيها ما يسر خاطره فيطلق نفسا عميقا ويقول: "يبدو ان إقامتي في السعودية سوف تطول أكثر مما خططت لها لأنني لا أستطيع الوفاء بالالتزامات المترتبة علي في الوقت المحدد".
وكغيره من الشباب الذين هاجروا من أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية وتأمين مستقبلهم، باتت أخبار غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار التي يطالعها ماجد على المواقع الصحف السورية تقلقه.
ويقيم ماجد في مدينة جدة السعودية منذ ثلاثة سنوات ويعمل في إحدى الشركات الكبرى براتب كان يعتبر جيدا إذا ما قيس بما كان يتلقاه في سوريا، لكن موجة الغلاء التي اجتاحت سوريا أطاحت بأحلام ماجد بالعودة إلى اهله بعد خمس سنوات كما خطط لها.
ويضيف ماجد "كان الهدف من وراء هجرتي الى السعودية تأمين مستقبلي وتوفير بعض المال لشراء منزل صغير في إحدى ضواحي مدينة دمشق التي أصبحت شراء منزل فيها حلما بعيد المنال بالنسبة للشباب".
هذه الأمنيات الصغيرة التي يحلم بها ماجد كما يحلم بها أغلب الشباب، ويعملون من اجل تحقيقها، أصبحت كبيرة وصعبة في ظل موجات الغلاء المتصاعدة التي لا تحطم أحلام الشباب الصغيرة.
ويشاركه خالد (24 سنة) القلق ذاته مما آلت إليه الأوضاع بعد الغلاء، حيث يقول "انا محتار وخائف من العودة بعد ان اتفقت مع أهلي و خطيبتي على العودة النهائية والزواج السنة القادمة، ولكن في هذه الظروف قد اضطر الى تأجيل عودتي وزواجي الى حين، حيث يحتاج الزواج الى مزيد من المال لتامين تكاليفه الذي أصبح بدوره مكلفا".
اما اسماعيل (22 سنة) فكان يأمل ان يكون السفر هو الطريق الى تحقيق حلمه بان يكون صاحب عمل ،"يبدو اننا كنا نرسم أحلامنا على الرمال لا تصمد أمام عواصف الغلاء التي تجتاح البلاد".
وأسباب تأجيل العودة الى سوريا لدى إبراهيم (22 سنة) قد تبدو مختلفة بعض الشيء عن غيره من الشباب، حيث حياة الرفاهية التي اعتاد ان يعيشها ابراهيم هنا في السعودية هي التي تمنعه من التفكير بالعودة، خاصة وانه يعيش مع اهله، وان ما يتوفر له في السعودية سوف لن يتوفر له في سوريا.
واعتاد إبراهيم على التسوق والحصول على كل شىء جديد في عالم التكنولوجيا "كل شيء في متناول يدي ويستطيع أي شخص يعمل ان يشتري ما يريده".
وهذا ما يراه سليمان 28 سنة الذي يعمل نائب مدير في إحدى الأسواق التجارية في مدينة جدة منذ خمس سنوات، "لا أستطيع ان أتخيل نفسي بدون سيارة وجهاز كمبيوتر المحمول او جهاز جوال اخر موديل، وطبعا الحصول على كل هذه الأشياء في سوريا يعتبر خيالا لشاب في سني".
حياة الرفاهية التي يعيشها سليمان ولا يستطيع الاستغناء عنها لا تكلفه سوى نصف راتبه الشهري دون ان يضطر الى القيام بعملين كما يفعل اغلب الشباب من اجل تأمين مستقبلهم في سوريا.
ويتفق عبدالرحمن 20 سنة مع سليمان حيث يقول "في إجازة الصيف التي اقضيها في سوريا كنت أرى أقربائنا يعملون دون ان يتمكنوا من توفير شيء".
وعبدالرحمن من مواليد السعودية يعمل في شركة كمبيوتر تمكن من شراء سيارة خلال سنة من عمله وقضاء إجازته السنوية في مدينته حماة دون ان يضطر لطلب المال من أهله.
وعلى الرغم من الاختلاف أسباب عدم العودة الى سورية، لكن النتيجة واحدة وهى خسارة سوريا لشبابها لصالح البلدان أخرى ليستفيد من خبراتهم مقابل لقمة العيش وتجرع مرارة الغربة.